المغرب يتوج بكأس أمم إفريقيا تحت 17 عاماً للمرة الأولى في تاريخه

نجح المنتخب المغربي لأقل من 17 عاماً في تحقيق حلم طال انتظاره بالتتويج بلقب كأس أمم إفريقيا، والذي أقيمت نسخته الحالية على أرض المملكة المغربية خلال الفترة من 30 مارس إلى 19 أبريل 2025. المباراة النهائية جمعت أشبال الأطلس مع منتخب مالي، في صراع قاري بين ممثل شمال إفريقيا وممثل غرب القارة، على ملعب البشير بمدينة المحمدية، حيث تمكن أبناء المدرب نبيل باها من تحقيق اللقب التاريخي وإسعاد الجماهير المغربية.
مشوار تاريخي يُتوج باللقب القاري
وصل المنتخب المغربي إلى المباراة النهائية بعد مسيرة مميزة، حيث تصدر المجموعة الأولى التي ضمت منتخبات زامبيا وأوغندا وتنزانيا برصيد 7 نقاط من فوزين وتعادل واحد. ثم واصل المشوار بفوز قوي على جنوب إفريقيا بنتيجة 3-1 في دور الثمانية، قبل أن يتخطى منتخب كوت ديفوار في نصف النهائي بركلات الترجيح 4-3 بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل السلبي.
وفي المباراة النهائية، قدم لاعبو المنتخب المغربي أداءً بطولياً على أرضهم وأمام جماهيرهم، مظهرين مستوى فنياً وتكتيكياً عالياً، وروحاً قتالية كبيرة ضد منافس قوي يملك خبرة كبيرة في البطولة الإفريقية، حيث سبق لمالي أن توج باللقب مرتين من قبل.
تميز المنتخب المغربي في البطولة بقوة خط دفاعه، حيث لم تهتز شباكه سوى مرة واحدة فقط خلال المشوار كاملاً، وحافظ على نظافة شباكه في أربع مباريات، ليكون صاحب أفضل دفاع في البطولة. بينما استقبلت شباك منتخب مالي ستة أهداف خلال مشوارها في البطولة
.
إنجاز تاريخي للكرة المغربية
يعتبر هذا التتويج إنجازاً تاريخياً للكرة المغربية، حيث أصبح المغرب عاشر منتخب يرفع الكأس القارية في هذه الفئة العمرية، وثاني منتخب من شمال إفريقيا يتوج باللقب بعد منتخب مصر الذي حقق اللقب عام 1997.
كما أصبح المغرب خامس منتخب مضيف يبلغ نهائي البطولة بعد غامبيا (2005)، وتوغو (2007)، والجزائر (2009)، ورواندا (2011)، لكنه ثاني منتخب مضيف فقط ينجح في الفوز باللقب، بعد غامبيا التي توجت على أرضها في نسخة 2005.
ويأتي هذا الإنجاز ليؤكد نجاح السياسة التي اتبعتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في تطوير الفئات العمرية خلال السنوات الأخيرة، والتي بدأت تؤتي ثمارها على المستوى القاري، حيث شارك المنتخب المغربي في نهائي النسخة السابقة من البطولة عام 2023، قبل أن ينجح في التتويج باللقب في النسخة الحالية على أرضه.
مواجهة درامية وتاريخية
شهدت المباراة النهائية مواجهة درامية بين المنتخبين، وكانت هذه هي المواجهة الثانية بين المغرب ومالي في تاريخ هذه البطولة، بعد أن التقيا في نصف نهائي نسخة 2023 التي انتهت بالتعادل السلبي، قبل أن يفوز المغرب بركلات الترجيح 6-5.
في المباراة النهائية للنسخة الحالية، قدم منتخب المغرب مباراة تكتيكية رائعة، معتمداً على صلابته الدفاعية التي ميزته طوال البطولة، وفعاليته الهجومية التي بلغت نسبة تحويل الفرص لديه 27.5% مقابل 15% لمنتخب مالي.
وتعتبر هذه المباراة رابع مواجهة في النهائي بين فريق من شمال إفريقيا وآخر من غرب إفريقيا، بعد فوز مصر على مالي 1-0 عام 1997، وغامبيا على الجزائر 3-1 عام 2009، والسنغال على المغرب 2-1 عام 2023
.
دور الجماهير والعامل النفسي
لعبت الجماهير المغربية دوراً كبيراً في تحفيز اللاعبين وشحنهم معنوياً خلال المباراة النهائية، حيث امتلأ ملعب البشير بالمحمدية عن آخره بالمشجعين الذين حرصوا على مؤازرة المنتخب الوطني في هذه المباراة التاريخية.
وقد انعكس هذا الدعم الجماهيري إيجاباً على أداء اللاعبين، الذين قدموا مباراة بطولية ووضعوا كل طاقاتهم في المستطيل الأخضر من أجل إسعاد الجماهير وتحقيق اللقب التاريخي.
نبيل باها… من لاعب إلى مدرب متوج
يعتبر تتويج المنتخب المغربي باللقب الإفريقي لحظة خاصة للمدرب نبيل باها، الذي سبق له كلاعب أن سجل الهدف الرابع للمغرب في الفوز 4-0 على مالي في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا 2004 للكبار
.
وقد نجح باها في قيادة أشبال الأطلس إلى اللقب القاري للمرة الأولى في التاريخ، ليضع بصمته كمدرب ناجح قادر على نقل خبرته الكبيرة كلاعب سابق إلى الأجيال الجديدة من الكرة المغربية.
التأهل لكأس العالم والمستقبل الواعد
كان المنتخب المغربي قد ضمن تأهله إلى نهائيات كأس العالم تحت 17 عاماً المقررة في قطر في نوفمبر المقبل، ضمن 10 منتخبات إفريقية تأهلت من هذه البطولة وهي: المغرب وكوت ديفوار وبوركينا فاسو ومالي وأوغندا ومصر وتونس والسنغال وزامبيا وجنوب إفريقيا
.
ويعتبر هذا التتويج حافزاً كبيراً للفريق المغربي قبل المشاركة في المونديال العالمي، حيث سيسعى أشبال الأطلس لمواصلة التألق على المستوى العالمي بعد النجاح القاري، ورفع اسم المغرب عالياً في المحفل العالمي.
نجاح تنظيمي وإداري
تميزت البطولة التي استضافها المغرب خلال الفترة من 30 مارس إلى 19 أبريل 2025 بنجاح تنظيمي كبير، حيث وفرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كل سبل النجاح للبطولة، من ملاعب جاهزة ومرافق متطورة وتغطية إعلامية واسعة
.
وقد حظيت البطولة باهتمام إعلامي كبير، حيث تم نقل مبارياتها على العديد من القنوات التلفزيونية، بما فيها قناة الرياضية المغربية وقنوات “تي إن تي” ومنصة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على يوتيوب
.
خاتمة: إنجاز يضاف لسجل الكرة المغربية
يُضاف هذا الإنجاز التاريخي إلى سلسلة النجاحات التي حققتها الكرة المغربية في السنوات الأخيرة، بعد وصول المنتخب الأول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، وتتويج منتخب الشباب ومنتخب أقل من 23 سنة بألقاب قارية.
ويؤكد هذا التتويج على نجاح استراتيجية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في تطوير الفئات العمرية، والاستثمار في المواهب الشابة، مما يبشر بمستقبل واعد للكرة المغربية في السنوات المقبلة، ويعزز مكانة المغرب كقوة كروية متصاعدة في القارة الإفريقية والعالم.